تحتفل دولة اليابان هذا العام باليوبيل الذهبي لتأسيس مؤسسة اليابان كأكبر مؤسسة يابانية للتبادل الثقافي الدولي تحت رعاية وزارة الخارجية اليابانية منذ عام 1972. وتقوم بخلق فرص عالمية لتعزيز الثقة والتفاهم المتبادل، وذلك من خلال اللغة والثقافة بهدف تنمية الصداقة والعلاقات الثقافية بين اليابان ودول العالم، عن طريق مقرها الرئيسي في طوكيو وعدد فروعه في العالم 25 فرعا في 24 دولة حول العالم. ويعد فرعها هو الفرع الوحيد للمؤسسة في العالم العربي وإفريقيا والشرق الأوسط، حيث إن مصر هى نافذة العالم العربي والإفريقي 

وقد ساهم الفرع الرئيسي لمؤسسة اليابان بطوكيو بتدشين أول قسم للغة اليابانية في العالم العربي بجامعة القاهرة أعرق الجامعات العربية.وكان اختيار مصر لثقلها السياسي باعتبارها القوة المؤثرة في العالم العربي وإفريقيا والشرق الأوسط. وكان ذلك في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، فأرسلت الحكومة اليابانية مبادرة تدشين القسم عام 1974 كأول مؤسسة تعليمية لتدريس اللغة والثقافة اليابانية، والذي كان بواسطة خبراء يابانيين متخصصين من المؤسسة اليابانية إلى جانب ذلك إرسال الكتب التعليمية والثقافية والوسائل التعليمية من معامل سمعية وبصرية، كما تحملت مؤسسة اليابان نفقات مالية في شكل منح دراسية لتعلم فنون الثقافة اليابانية مثل فن تنسيق الزهور وفن طقوس الشاي الياباني وغيرها من الفنون. كما أرسلت مؤسسة اليابان خريجي أقسام اللغة اليابانية للدراسة في المراكز والمعاهد التابعة للمؤسسة  بهدف تأهيل خريجي أقسام اللغة اليابانية في تعليم اللغة اليابانية وتحسين وتطوير تعليم اللغة اليابانية في الجامعات المصرية

حيث يعد مقرها في القاهرة جسراً من جسور العلاقات الثقافية بين مصر واليابان ويتولى تنظيم الأحداث الثقافية اليابانية في مصر والعالم العربي، إلى جانب تنظيم برامج ثقافية متنوعة للتبادل الثقافي والأكاديمي. كما يمتد نشاط المكتب ليشمل تقديم بعض الخدمات المعلوماتية لدول منطقة الشرق الأوسط، ومن خلال مكتبها أيضا تقدم دورات تعليم اللغة اليابانية ودورات خاصة مثل دورة اللغة اليابانية للأطفال. وهناك دورات خاصة لتعلم اللغة اليابانية من خلال الانيمى وقراءة المانجا. وتقدم دورات في الفنون اليابانية الثقافية التي تُعرف باسم فنون “البوب كلتشرPop Culture” مثل  فن”الإيكيبانا” وهو فن تنسيق الزهور، وفن “الأوريجامي” وهو فن طي الورق، وفن “الأنيمشن” الذي يحوز إعجاب الشباب المصري. وتقدم هذه الفنون في الجامعات المصرية والأوبرا والمكتبات العامة في أنحاء مصر  

وتقوم المؤسسة بالقاهرة بدعوة الأساتذة والخبراء اليابانيين المتخصصين في الفنون اليابانية الثقافية لإلقاء محاضرات ثقافية بمقرها وخارج مقرها بالجامعات المصرية في إطار الأسابيع الثقافية، وتقوم أيضا بدعوة الفرق الموسيقية اليابانية المشهورة لتقديم عروضها على مسارح مصر ودار الأوبرا المصرية. كما تقوم بإيفاد الفنانين اليابانيين لتقديم العروض الفنية اليابانية التقليدية والفنون الشعبية مثل فن المسرح الياباني التقليدي”الكابوكي” الذي تم عرضه في الثمانينيات من القرن الماضي عند افتتاح دار الأوبرا المصرية

وتقدم مؤسسة اليابان بالقاهرة مهرجان الأفلام اليابانية داخل دار الأوبرا المصرية لتعريف الشعب المصري بالسينما اليابانية قبل الحرب وبعد الحرب العالمية الثانية، والأفلام السينمائية اليابانية المعاصرة التي تصور صورة اليابان المتقدمة اقتصاديا.وفي المجال الأكاديمي يقوم مكتب المؤسسة بإيفاد العديد من خبراء اللغة اليابانية المتخصصين في اللغة والثقافة اليابانية لتقدم المحاضرات بالجامعات المصرية، بجانب إرسال الكتب التعليمية في اللغة والثقافة اليابانية لأقسام اللغة اليابانية مثل جامعة الأهرام الكندية وغيرها

والجدير بالذكر أن مؤسسة اليابان قد ساهمت في تدشين قسم اللغة اليابانية بجامعة الأهرام الكندية عام 2020. وقد قامت مديرة مكتب مؤسسة اليابان بالقاهرة السيدة/ ايومي بزيارة الجامعة واجتمعت مع رئيس الجامعة الدكتور صديق عبد السلام بهدف تعزيز التعاون بين الجامعة والمؤسسة اليابانية وإمكانية إيفاد طلاب القسم لتحسين مهارات تعلم اللغة اليابانية، كما ساهمت المؤسسة أيضا في تدشين أقسام أخرى في الجامعات المصرية مثل عين شمس وبنها وأسوان وجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا. وأيضا ساهمت في تأسيس أقسام اللغة اليابانية بالجامعات العربية مثل برنامج اللغة اليابانية بجامعة الملك سعود بالمملكة العربية السعودية، وما زالت مستمرة في إيفاد الخبراء المتخصصين في تعليم اللغة اليابانية ودعم الأقسام بالكتب الدراسية في اللغة والثقافة اليابانية، وتساهم المؤسسة بالدعم المادي والأكاديمي في تنظيم المؤتمرات والمنتديات الثقافية اليابانية ومسابقات الخطابة باللغة اليابانية في الجامعات المصرية والعربية. كما تقوم باستقدام العديد من الشخصيات العلمية والثقافية والفنية لمصر. والجدير بالذكر أن المؤسسة قامت باستقدام بطلة المسلسل الدرامي الشهير “اوشن” الذي حاز إعجاب المشاهد المصري حبا وافتتانا بالثقافة اليابانية وذلك في التسعينيات من القرن الماضي، وكان أحد الدوافع الرئيسية للطلاب المصريين لتعلم اللغة اليابانية

في هذا السياق أيضاً يجب أن أنوه أن مكتب مؤسسة اليابان في القاهرة والممثل للدول العربية والشرق الأوسط قد رشح قسم اللغة اليابانية كلية الآداب جامعة القاهرة لنيل جائزة المؤسسة اليابانية عام 2011. وقد جاء  قرار نيل الجائزة اعترافا بالإسهام الكبير الذي قام به القسم لتطوير تعليم اللغة اليابانية ليس فقط في جمهورية مصر العربية بل أيضا في الدول العربية والشرق الأوسط وإفريقيا، وفي هذه الأثناء قمت بزيارة اليابان لحضور الاحتفالية الكبرى لنيل الجائزة ممثلاً عن القسم وشرفت بتكريم خاص من إمبراطور وإمبراطورة اليابان في الحادي عشر من أكتوبر 2011

وفي النهاية أود أن أوكد على دور مؤسسة اليابان كإحدى القوة الناعمة لنشر اللغة والثقافة اليابانية في مصر والعالم العربي وإفريقيا وجسراً من جسور الصداقة، ولها دورا أساسيا في توطيد التبادل الثقافي بين مصر واليابان. وهذا ما أكده الرئيس عبد الفتاح السيسي في ختام زيارته لليابان في الفترة من 28 فبراير إلى 2 مارس 2016 من خلال البيان المصري الياباني المشترك مع رئيس الوزراء الياباني السابق شينزو آبى 

رابط المقال على جريدة الأهرام