زمان زمان،كان ياماكان،فى سالف العصر والزمان كان هناك شخص يدعى “تاكيه نو تايفو” جاء مسافرا من بلاد “هيتاتشى” الى العاصمة “كيووطو” ليرفع دعوى فى إحدى القضايا، وكان يسكن فى البيت المواجه له أمير مقاطعة “إيتشى زين” وكان ذلك الأمير يكثر من تلاوة الكتاب البوذى بصوت عال. وكان ذلك الأمير أب لأم حاكم من حكام الولايات ، وكانت تلك الأم معروفة بفحولتها فى الشعر، وكانت زوجته ملقبة ب “إيسيه داى سوكيه” وكان لدى أمير مقاطعة “إيتشيزين” عدد كبير من البنات.
ولما كان ” تاكيه نو تايفو” يشعر بالملل ولايعرف كيف يقتل الوقت فقد كان يجلس الى جوار النافذة يراقب منزل أمير مقاطعة “إيتشيزين” وهو يستمع الى تلاوته للكتاب البوذى، وفى مرة من المرات هبت ريح شديدة نوعا ما فرفعت طرف الستارة البوص التى تغطى نافذة بيت الأمير ، فظهر خلف هذا الستار المرفوع للحظات وجه فتاة رائعة الجمال ترتدى كيمونو أحمر اللون ، ومن هذه اللحظة تمنى “تاكيه نو تايفو” أن تكون هذه الفتاة زوجة له.
ولهذا فقد استدرج إحدى خادمات هذا البيت وأخذ يسألها عن تلك الفتاة التى ترتدى الكيمونو الأحمر وطلب منها أن ترتب له لقاءا مع تلك الفتاة، فأجابته الخادمة قائلة:” أبدا..هذا طلب مستحيل التنفيذ”، فرد عليها “تاكيه نوتايفو” قائلا:” حسنا..فلتدلينى على مرضعتها” ففكرت الخادمة قليلا ثم وافقت على طلبه وأرشدته الى مكان المرضعة. بدأ “تاكيه نوتايفو” يحاول استمالة المرضعة هى الأخرى بكلماته المعسولة وأعطاها رشوة من مائة قطعة من النقود الذهبية، وطلب منها أن ترتب له لقاءاً بذات الكيمونو الأحمر. وهكذا وبعد كثير من الضغوط نجح فى استمالة المرأة.
فى نهاية الأمر قام “تاكيه نو تايفو” باصطحاب الفتاة ذات الكيمونو الأحمر ومعها مرضعتها الى بلده “هيتاتشى”. وبعد اختفاء الفتاة ذات الكيمونو الأحمر من بيت أبيها أمير مقاطعة “إيتشيزين” صار أهل البيت جميعا يبكون حزنا على فقد ابنتهم هكذا على حين فجأة . وبعد مرور فترة من الوقت أرسلت المرضعة رسالة الى أم الأمير وجدة الفتاة تعرب فيها عن ندمها مما حدث وتقول أنها لم يكن لها حيلة فيما حدث ، وهكذا كانت ترسل الرسائل بين الحين والآخر ، أما جدة الفتاة ذات الكيمونو الأحمر فقد أرسلت برسالة ارتجلت فيها قطعة من الشعر وردت بها على المرضعة قائلة:
ان الرياح التى تهب
من ناحية الغرب
تدخل فى ثنايا جسدى
وتشبعه ألما
أخبريها لو كانت تشتاق الى
عبق الزهور
فى العاصمة…
“كيووطو” !!
وهكذا مرت الشهور والسنين حتى سافرت أم الأمير الى بلاد “هيتاتشى” كزوجة لحاكم ذلك الاقليم، وكانت أختها الكبرى قد توفيت قبل ذلك بقليل، وكانت تصطحب معها إبنتان لها. وهكذا حين سمعت الفتاة ذات الكيمونو الأحمر بأن جدتها قد حلت على المقاطهة ذهبت لمقابلتها، وحين قابلتها قالت لها الجدة :” إنك تشبهين تماما والدتك المتوفاة” ثم بكت الاثنتان معا. وأثناء إقامة الجدة لمدة أربع سنوات هى مدة خدمة زوجها كحاكم لذلك الاقليم لم تستغل أبدا وضعها المميز وانما عاشت تتعامل مع الناس بتواضع وبساطة.
وبعد انتهاء مدة السنوات الأربع قال حاكم المقاطعة لزوجته جدة الفتاة ذات الكيمونو الأحمر :” إننا على وشك المغادرة الى “كيووطو”، وحان الوقت لتخبرى حفيدتك بأن ترحل معنا”، وهكذا حين نقلت لحفيدتها رغبة ابنها ردت عليها الفتاة قائلة:” فهمت..فلأذهب معكما”!
وبعد ذلك بيومين، وفى يوم الرحيل الى “كيووطو” جاءت الفتاة تزورهما ومعها أربعة عشر جوادا من أفضل الجياد بالاضافة الى مائة جواد آخر على ظهر كل منها قفصاً مشغولاً من الجلد الطبيعى وقدمت كل هذه الأشياء كهدية وداع لهما ثم قفلت عائدة الى بيتها. أما حاكم مقاطعة “هيتاتشى” فحين رأى تلك الهدايا قال :” إن مجموع دخلى من مرتبى الذى تقاضيته خلال السنوات الأربع تلك لايوازى قيمة هذه الهدايا، إن هذا يدل على عظمة وغنى العائلة التى ينتمى اليها زوج حفيدتنا ويدل كذلك على مدى كرمهم”.
لقد كان له أحفاد كثيرون تبوءوا مناصب رفيعة وصاروا سعداء فى حياتهم ، ورغم ان حفيدته هذه تزوجت برجل ميسور الا أنها فى نهاية الأمر صارت تنتمى الى الأرياف..فأشفق عليها كثيرا وصعب عليه حالها.
وتوتة توتة..فرغت الحدوتة !!